أزمة تيغراي تعود إلى الواجهة: صراع على الشرعية يهدد اتفاق السلام
تعود أزمة إقليم تيغراي شمال إثيوبيا إلى الواجهة من جديد، بعد نحو عامين على توقيع اتفاق السلام مع الحكومة الفدرالية في أواخر 2022. تبرز هذه الأزمة بسبب خلاف قانوني حول تسجيل جبهة تحرير تيغراي كحزب سياسي جديد، مما يثير مخاوف من تجدد المواجهات.
الأسبوع الماضي، أعلن مجلس الانتخابات الإثيوبي قبوله طلب جبهة تحرير تيغراي لتسجيلها كحزب سياسي جديد. غير أن الجبهة رفضت هذا القرار، معتبرة أنه يتعارض مع اتفاق بريتوريا للسلام ويشكل تحدياً لشرعيتها. وعقدت الجبهة مؤتمرًا خاصًا بها في محاولة لمواجهة قرار المجلس، مما أدى إلى تصاعد التوترات مع الحكومة وظهور انقسامات داخلية.
يتوقع المراقبون أن تؤدي هذه التحديات إلى زعزعة استقرار الحزب وإقليم تيغراي، الذي لم يمض على تعافيه سوى عامين. عبد القادر محمد علي، الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية، أشار إلى أن صراعات جبهة تيغراي تعود إلى خلافات داخل قيادتها حول تحديد مسار الإقليم والعلاقة مع السلطة الفدرالية، وأوضح أن هذه الخلافات تتجلى بشكل واضح في مسألة استرداد شرعية الحزب.
ورغم أن الجبهة قادت المشهد السياسي في إثيوبيا خلال فترة قيادة الائتلاف الحكومي السابق، إلا أن مواجهتها مع رئيس الوزراء آبي أحمد بعد توليه المنصب في عام 2018 تحولت إلى صراع عسكري دام نحو عامين، انتهى باتفاق سلام لا تزال بعض بنوده عالقة.
وقد أوضح مجلس الانتخابات في بيان له أنه تلقى طلباً من جبهة تيغراي في يوليو 2023 لتجديد صفتها القانونية، وبعد مراجعة الطلب استناداً إلى قانون الانتخابات، قرر تسجيل الجبهة كحزب سياسي جديد مع “اعتبارات خاصة”. ورفض المجلس طلب الجبهة بإعادة وضعها القانوني السابق قبل الحرب، مؤكداً أن المشكلة قد تم حلها بشكل مناسب.
من جانبه، اعتبر رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية ياسين أحمد أن قرار مجلس الانتخابات هو خطوة نحو تعزيز الديمقراطية وترسيخ الحوار الوطني. وأشار إلى أن الخلافات داخل حزب تيغراي تعود إلى ما سماه “الجمود الفكري والسياسي للحزب” منذ تأسيسه.
وفي خطوة مثيرة للجدل، عقد حزب جبهة تحرير تيغراي مؤتمره الـ14 في مدينة ميكيلي، مع غياب قيادات بارزة من اللجنة المركزية. وأصدر 14 عضواً من اللجنة بياناً أعلنوا فيه عدم مشاركتهم في المؤتمر، مما أدى إلى تصاعد الجدل حول شرعية المؤتمر وقراراته.
وتزايدت المخاوف بعد تحذيرات وزير الاتصال الحكومي ليجيسي تولو من أن عقد المؤتمر “يهدد السلام الهش الذي تحقق في تيغراي”. يرى الباحث عبد القادر أن الأزمة قد تؤدي إلى انقسامات داخل الحزب وصعود فصيل جديد بقيادة غيتاشيو رضا، مما قد يزعزع الاستقرار السياسي والأمني في الإقليم.
وتنذر هذه التطورات بتدهور الأوضاع الإنسانية في إقليم تيغراي، الذي لا يزال يعاني من تبعات الحرب، ما يهدد بتنفيذ اتفاقية بريتوريا وتحقيق السلام المستدام في المنطقة.