غموض اختفاء الكنوز الثقافية والأثرية في ظل هجمات العصابات
تُعتبر المدافع التاريخية في قلعة هنري، في هاييتي، بمثابة الغنيمة الثمينة التي أُخذت من القوى الأوروبية بعد صراع طويل ومعركة حاسمة من أجل الحرية. تم وضع هذه المدافع على قمة النصب التذكاري البارز في البلاد لحمايتها من الاحتلال الفرنسي.
وفقًا لصحيفة “ميامي هيرالد”، فإن المدافع، التي تعود إلى القرن الثامن عشر وتتنوع في أحجامها وأوزانها، تُعتبر من الكنوز الوطنية لا تقدر بثمن. تحيط المدافع الكبيرة المصبوبة من الحديد بالقلعة التي تقع على قمة جبل في بلدة ميلوت الريفية، بالقرب من مدينة كاب هايتيان الشمالية. أما المدافع الأصغر، المصبوبة من البرونز، والتي تحمل علامات معقدة تشير إلى أصولها، فقد تم وضعها في متحف مغلق يُفتح فقط لكبار المسؤولين والدبلوماسيين.
ومن المؤسف أن اثنين من المدافع الأصغر قد اختفيا دون أي أثر من داخل المتحف المحصن في قلعة هنري. تم اكتشاف السرقة لأول مرة منذ أكثر من أسبوعين، عندما لاحظ أحد الحراس اختفاء المدفعين الثمينين. ورغم ذلك، لم يتم الإعلان عن الحادث بشكل رسمي إلا مؤخرًا بعد أن بدأ النقاش حوله يتداول على منصات التواصل الاجتماعي. حتى الآن، لم يتم إخطار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) رسميًا بالحادث، وهي المنظمة التي تدرج القلعة ومعالم تاريخية أخرى في متنزه ميلوت الوطني ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي.
وقالت مصادر إن البلاغ الرسمي إلى اليونسكو أمر حاسم لإصدار تنبيه للشرطة الدولية “الإنتربول”، على أمل استرداد المدفعين. وأشار باتريك دورانديس، مدير معهد حماية التراث الوطني، إلى أن تأخير الإبلاغ يرجع إلى الأوضاع الأمنية المتدهورة في هاييتي، التي تعاني من عنف العصابات.
وأضاف دورانديس أن احتمال وجود المدفعين في هاييتي يعتمد على هدف السرقة: إذا كانت السرقة بغرض بيع المعدن الثمين، فقد يكونان لا يزالان في البلاد، أما إذا كانت السرقة لأغراض فنية، فقد يكونان قد هربا إلى الخارج. وفي الوقت نفسه، يعتقد نيت أخيل، مدير معهد المنطقة الشمالية في هاييتي، أن السرقة هي عمل داخلي، حيث يعتقد أن أحد الموظفين قد تواطأ أو قام بالسرقة بنفسه.
دومينيك دوبوي، مندوبة هاييتي لدى اليونسكو، أعربت عن قلقها من أن اختفاء المدفعين يمكن أن يشكل تهديدًا لوضع القلعة وتصنيف المتنزه كموقع للتراث العالمي، معتبرة أن السرقة تمثل هجومًا رمزيًا على تاريخ هاييتي وأصالتها.
وتُعتبر مجموعة المدافع في القلعة واحدة من أكبر المجموعات في العالم، تم الحصول عليها من الإنجليز والإسبان والفرنسيين بعد ثورة هاييتي عام 1791. ويُعَد اختفاء المدفعين جزءًا من سلسلة اعتداءات على التراث الثقافي لهاييتي، بما في ذلك حريق جزئي في كنيسة السيدة العذراء التاريخية ونهب المكتبة الوطنية في بورت أوبرنس من قبل الجماعات المسلحة.