تحولات الذكاء الاصطناعي: بين الفرص والتحديات الاستثمارية
شهد الذكاء الاصطناعي تحولًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، ليصبح أحد أبرز الاتجاهات في قطاع التقنية. وقد جاء هذا الاهتمام العالمي نتيجة لجهود الشركات في دمج هذه التكنولوجيا في أنظمتها أو تطوير تقنيات جديدة تعتمد عليها، فضلاً عن إقبال المستخدمين المتزايد على منصات مثل “شات جي بي تي”، التي سجلت أكثر من 200 مليون مستخدم نشط أسبوعيًا في سبتمبر الحالي.
هذا النجاح جذب العديد من المستثمرين، مما أدى إلى بدء عصر جديد من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي. وتدفق رأس المال من شركات مثل “مايكروسوفت” التي راهنت على “شات جي بي تي”، إلى صناديق الاستثمار، مما حفز رواد الأعمال لتقديم نماذج وشركات تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
ومع مرور الوقت، أصدرت بنك “باركليز” بيانًا مفاجئًا، محذرًا من أن الذكاء الاصطناعي قد لا يكون هو الاستثمار الأكثر ذكاءً لعام 2024. حيث أشار البنك إلى أن نسبة التآكل في معدات الذكاء الاصطناعي مرتفعة بشكل مفرط، مما يؤدي إلى تقليص الأرباح بشكل أسرع من المتوقع.
وفقًا لتحليل “باركليز”، فإن التكاليف المرتبطة بشرائح الذكاء الاصطناعي وبناء الخوادم عالية جدًا، مما يجعل من الضروري توزيع هذه التكاليف على فترة استخدام قصيرة، تتراوح بين عام إلى عامين. وبسبب قصر دورة حياة هذه المعدات، يتعين على الشركات الاستحواذ على تقنيات جديدة بشكل متكرر.
وتوقع روس ساندلر، محلل الشركات في “باركليز”، أن بعض شركات الذكاء الاصطناعي تسعى لتمديد فترة استخدام خوادمها إلى 5 أو 6 سنوات للحد من تأثير التآكل على الأرباح، وهو تحدٍ يصعب تحقيقه في ظل ابتكارات شركة “نفيديا” المتسارعة.
وفي هذا السياق، أشار تيد مورتنسون، المدير التنفيذي لشركة “بيرد”، إلى أن دورات تطوير الشرائح الجديدة السريعة تعقد جهود الشركات لزيادة أرباحها. إذ تسعى “نفيديا” لإصدار بطاقات جديدة سنويًا، مما يجبر الشركات على الترقية باستمرار.
يستمر بنك “باركليز” في توقعاته، مشيرًا إلى أن قيمة تآكل الموارد لشركة “ألفابت” المالكة لـ”غوغل” قد تصل إلى 28 مليار دولار بحلول عام 2026، بينما من المتوقع أن تصل تكلفة التآكل لدى “ميتا” إلى 30.8 مليار دولار.
ومع ذلك، يتساءل مورتنسون عن العائد الفعلي على استثمارات “وول ستريت” التي تجاوزت 200 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن الأرباح قد لا تظهر قبل عام 2026. فهل تستطيع الشركات الصمود حتى ذلك الحين؟
إذا كانت العوائد على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي مرتفعة، فإن المخاوف المرتبطة بالتكاليف المرتفعة ستتلاشى. لكن العلاقة بين الشركات الكبرى و”نفيديا” تظل محط تساؤل، فكلما أصدرت “نفيديا” جيلًا جديدًا من الشرائح، ارتفعت تكاليف الشركات الأخرى، مما قد يؤدي إلى توتر العلاقة بين الطرفين.