تقنية

الصين تكشف عن نموذج “شات بيت” العسكري: الذكاء الاصطناعي في خدمة الهيمنة الإستراتيجية

في خضم السباق التكنولوجي المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين، يبرز الذكاء الاصطناعي كعنصر حاسم في التنافس على الهيمنة العالمية. لم يعد التفوق في هذه التقنية مجرد طموح قومي، بل أصبح عنصراً أساسياً في رسم خارطة القوى الدولية. وفي هذا السياق، استثمرت الصين بشكل كبير في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدراتها العسكرية، مستفيدة من الابتكارات المحلية وتكييف التقنيات الغربية، بهدف تسريع خطواتها نحو اللحاق بالغرب.

من أبرز هذه التطورات، ما كشفت عنه الصين مؤخراً من تطوير نظام “شات بيت” (ChatBIT)، وهو نموذج ذكاء اصطناعي مخصص للاستخدامات العسكرية، مبني على نموذج “لاما 2” المفتوح المصدر الذي طوّرته شركة ميتا. يُعد هذا المشروع مثالاً على كيفية دمج الذكاء الاصطناعي المتقدم في استراتيجيات الدفاع، مما يعيد تشكيل ملامح الحروب الحديثة ويعيد تعريف ميزان التفوق التكنولوجي في هذا المجال.

يُظهر “شات بيت” قدرة الصين على استغلال النماذج مفتوحة المصدر وتكييفها لتلبية احتياجاتها العسكرية، وهو ما يضعها في مقدمة المنافسين في مجالات مثل تحليل البيانات الاستخباراتية ودعم العمليات العسكرية. لقد أظهرت نتائج الاختبارات أن دقة النموذج قريبة من 90%، مما يعكس كفاءته العالية في معالجة البيانات مقارنةً بنماذج أخرى مثل “جي بي تي-4”.

وعلى الرغم من الإمكانات الكبيرة لهذا النموذج، إلا أن “شات بيت” يواجه تحديات تتعلق بالاستخدام العسكري المتقدم، أبرزها اعتماده على البيانات المفتوحة المصدر التي تحد من فعاليته في التعامل مع المعلومات السرية، وكذلك إمكانية تعرضه للهجمات السيبرانية التي قد تؤثر على أداء النموذج. كما أن الاستخدام العسكري لهذا النوع من الذكاء الاصطناعي يثير تساؤلات أخلاقية، خاصةً فيما يتعلق بإمكانية استخدامه في انتهاك حقوق الإنسان أو تصعيد النزاعات.

ومع تطور هذه التقنيات، يتوقع أن تشهد السنوات القادمة تقدماً كبيراً في قدرات “شات بيت” والنماذج المشابهة، لتصبح أكثر استقلالية وقدرة على التنبؤ بحركات الخصوم، مع دمجها مع تقنيات متقدمة مثل الحوسبة الكمومية والميتافيرس، مما قد يحدث قفزات نوعية في سرعة المعالجة ودقة اتخاذ القرارات في الحروب المستقبلية.

ومن هنا، فإن النموذج الذي طورته الصين يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز التفوق العسكري باستخدام الذكاء الاصطناعي، مما يستدعي ضرورة وضع إطار دولي يحدد الاستخدامات العسكرية لهذه التكنولوجيا ويضمن ممارسات آمنة وأخلاقية على الساحة العالمية.

زر الذهاب إلى الأعلى